هذا ما جناه أبي
بيت كغيره من البيوت تظلله المودة والرحمة وحضن دافيء في مملكة صغيرة تضم بين جنباتها زوج وزوجته وزهرتان يانعتان لم يتجاوزا من العمر عشرة أعوام يلهوان ويمرحان في تلك الحديقة الغناء تغمرهما السعادة والفرح برؤية والديهما بجوارهما ويشعران بالطمأنينة والاستقرار وهما يرفلان في كنف والدين يحفاهما بالأمان ، ولم يكن يدور بخلد الصغيرين ما يعكر صفو حياتهما السعيدة، انساق الأب في دهاليز المخدرات ، في ذات ليلة عاد الأب المدمن إلى بيته وكان تحت تأثير المخدر حيث نشب خلاف بينه وبين زوجته على مرأى من طفليهما فخرج الزوج عن طوره وذهب إلى المطبخ فأحضر سكيناً أجهز به على هذه الزوجة المسكينة التي ودعت الحياة وطفليها لتنتقل إلى الرفيق الأعلى ، وبعد ذلك حكم على هذا الزوج بعقوبة الإعدام ، قد يتصور البعض أن القصة ستنتهي بالقتل ويسدل الستار على هذه الجريمة البشعة ولكن القادم كان أفظع وأبشع .
بعد هذه المأساة بات الطفلان يتيمان بمفردهما دون أب يعولهما أو أم ترعاهما أو عائل يتكفل بهما ، فقد رفض أقاربهما رعايتهما واتفقوا على تسليم الصغيرين إلى دور رعاية الأيتام فتفرقا عن بعضهما فالطفل أودع في دار رعاية البنين والطفلة أودعت في دار رعاية الفتيات ، ومكثا فيها ومنذ ذلك الحين لم يلتقيا ولم يتمكنا من اللعب سوياً كما كانا سابقاً ، ومرت السنون فكبرا وحان خروجهما من هذه الدور فتلقفهما الشارع ، انحرف الابن وسلك في مسالك الرذيلة والفاحشة والمخدرات وفي ليلة ظلماء كان يقضيها مع إحدى الفتيات العاهرات ليمارسا الزنا فإذا بهذا الشاب يقص على تلك الفتاة قصة حياته كما قصت عليه هي أيضاً قصتها التي تشبه قصته وإذا بالأخوين يتعرفان على بعضهما وهما في مرتع الرذيلة وال! عياذ بالله .
حدث واقعي مؤلم تنزف العين دماً لفظاعته ، ويتفطر القلب كمداً لهوله ، المخدرات التي لم يكتوي بلظاها المدمن وحده بل يتعداه إلى المحيطين ولو بعد أمد بعيد ، انه الدمار الذي يفتك ويدمر ويشرد ويرمل ويقتل كل من يتجرعها وحتماً سيصاب من شظايا هذه القنبلة الأسرة بل والمجتمع بأسره .
هذه قصة من عالم المخدرات وغيرها كثير ، لكن نسأل الله أن يحفظ المسلمين والمسلمات من براثن هذا الداء اللعين ، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه انه ولي ذلك والقادر عليه